
الكاتب: موفق مطر – لا جديد .. فحملة الإبادة الدموية التدميرية مازالت في ذروتها ، حتى الذرائع لم تتغير ، فهدف الصهيونية الدينية الاستعمارية العنصرية ثابت، وهو جعل حياة وديمومة ووجود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه التاريخي اقرب للمستحيل، وتثبيت الموت والتهجير والجوع والمرض، وتدمير الصحة النفسية والجسدية للمواطن، ليصبح عاجزا حتى إن بقي حيا !.
لا تعنينا ذرائع منظومة الاحتلال والاستعمار العنصرية الاجرامية ، لأننا على يقين ، أن حملة الإبادة هذه هي المحاولة الأخيرة لتثبيت وترميم أركان المشروع الاستعماري الصهيوني، ومنع الهيكل الثالث من الانهيار، بفعل الكفاح والنضال الوطني الفلسطيني خلال اكثر من قرن مضى بشكل عام، ومنذ انطلاق مسيرة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ، التي منحت الإنجاز الوطني الأهم للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية قوة بلا حدود ، ومكنت عمودها الفقري من تحمل ومواجهة المؤامرات المرفوقة دائما بحملات عسكرية على الشعب الفلسطيني، بقصد ثنيه عن مجرد التفكير بحقه الأزلي ، كما منحت المنظمة عقلا وطنيا، مكنها من الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، واثبات الوجود رغم احتشاد القوى الاستعمارية لطمسه، ولرفع الكذبة الصهيونية على ركام الحقيقة السرمدية للرواية الفلسطينية، والأهم خلال العقود الثلاثة الماضية، قدرة هذا العقل على خلخلة بنيان الهيكل الثالث المزعوم المسمى ( دولة إسرائيل ) وكشف طبيعته ، العنصرية الإرهابية، المستمدة من عقيدة ( افناء الآخر ) التلمودية ، فالعقل الوطني – لمن يبحث عن الحقائق – استطاع اختراق منظومة العقيدة السياسية للصهيونية ، وتحويل اليقين العقائدي والسياسي بأن تحل ( إسرائيل ) كدولة يهودية ، الى الأبد مكان فلسطين الى مجرد وهم وخوف دائمين، حتى على الوجود أصلا ، وقد احتل هذا الهاجس ادمغة ساسة وجنرالات منظومة الاحتلال ( إسرائيل ) ، ذلك أنهم يرون ويدركون معنى تقدم العالم نحو فلسطين الدولة الوطنية التقدمية الديمقراطية ، المنفتحة على السلام والتعايش وفق معايير حضارية ، وتراجع ذات العالم عن (إسرائيل ) ، العابثة بالفكر السياسي والإنساني الذي على أساسه تشكل العالم المعاصر ، فهذه المنظومة تحاول شرعنه العنصرية عبر استعادة نموذج ( الدولة الدينية ) التي كانت ومازالت تهدد امة الانسان في استقرارها ونموها ، وتهدد مبدأ السلام الناظم للعلاقة بين الشعوب والدول …لذلك فإن حكومة المنظومة الحالية التي يرأسها شخص يعتبر بلوغ (إسرائيل ) الثمانين سنة اعجازا ، هو الدافع الأعظم لحملة الإبادة الجماعية الدموية على الشعب الفلسطيني، فالهدف الأول والأخير اجتثاث فكرة التحرر والحرية والاستقلال وقيام الدولة عبر تدفيع الشعب الفلسطيني اثمانا لا تتناسب مع ثوابته وأهدافه الوطنية، وبمختصر مفيد اغتيال فكرة ( الوطن ) بمعانيه السامية .
وهنا لا يعنينا خطاب رؤوس حماس الدعائي والسياسي وتبريراتهم ، فالثابت حتى اللحظة ، انهم منذ تشكيل ” فرع الاخوان المسلح في فلسطين ” رفضوا نصب ميزان العقل والمنطق والواقعية ، حيث تقاس الإنجازات، بمعيار التضحيات، ولأنهم أصلا يعتقدون أن حياة المواطن الفلسطيني ليست مهمة ، باستثناء العضو في الجماعة وفق تعاليم قدوتهم (سيد قطب) فقد سهلوا على منظومة الصهيونية الدينية التي تتقاطع معهم بالاعتقاد أن حياة الإسرائيلي ليست مهمة إلا بقدر انخراطه بلا وعي في مشروع دولة الإرهاب وجرائم الحرب، والجريمة ضد الإنسانية، والمشاركة باغتيال مبدأ السلام، ووفق هذه الخلاصة نقرأ ما يحدث في هذه اللحظات المصيرية، ارتكازا على القانون الناظم لحركة الشعوب عبر الزمن والمؤكد صوابه عبر تاريخ الإنسانية، ان الأزلي كان، وباق، وسيبقى وسيكون، أما الطارئ بلا ثقافة إنسانية متنورة متحررة، فإنه مجرد مشروع، تنذر لغة أصحابه وأفعالهم بخرابه.