تدهور غير مسبوق للاقتصاد الفلسطيني.. “كورونا” بريء والاحتلال يتحمل المسؤولية

6 أكتوبر 2021آخر تحديث :
تدهور غير مسبوق للاقتصاد الفلسطيني.. “كورونا” بريء والاحتلال يتحمل المسؤولية

صوت الشباب 6-10-2021 جعفر صدقة “جائحة كورنا لم تضف جديدا لتعقيدات الاقتصاد الفلسطيني، فهي قائمة قبل وخلال الجائحة وسببها الاحتلال”. هكذا لخص مسؤول أممي وضع الاقتصاد الفلسطيني، في وقت تضرب الجائحة اقتصادات كافة دول العالم.

منذ بدء تفشي الجائحة في فلسطين في مارس/آذار 2020، والتقارير المحلية والدولية، تتوالى بشأن أوضاع الاقتصاد الفلسطيني، وجميعها أفردت مساحة واسعة لتداعيات الجائحة، وحملتها المسؤولية عن الانكماش غير المسبوق منذ سنوات طويلة، مع إشارات هامشية تقريبا للاحتلال الإسرائيلي كعامل “مثبط ومعيق” للحكومة الفلسطينية في مواجهة الجائحة.

في العام 2020، انكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 11.5%، وهي نسبة غير مسبوقة، سوى في العام 2002، حين سجل الاقتصاد انكماشا بحوالي 14.5%، عندما اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدن الضفة الغربية، وحاصرت لأسابيع الرئيس الراحل ياسر عرفات في مقره وسط رام الله، وعطلت الحياة تماما في كافة أرجاء الأراضي الفلسطينية.

ويبدو أن العام 2021 لن يكون أفضل بكثير، أو أقل سوءا بكثير للاقتصاد الفلسطيني، وما زالت معظم التقارير الدولية تحمل “كورونا” المسؤولية.

غير أن أرقام المالية العامة فيما يتعلق بالجباية المحلية (الضرائب باستثناء عائدات المقاصة مع إسرائيل) جاءت أفضل بكثير، أو أقل سوءا بكثير من التوقعات في بداية الجائحة، وكانت (الأرقام) تشير بوضوح إلى عنوان آخر لتدهور الاقتصاد الفلسطيني، هو الاحتلال، مع احتجاز عائدات المقاصة الفلسطينية مرتين متتاليتين، لأشهر في كل مرة، خلال عامي 2019 و2020.

في تقريره الأخير، كان مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “اونكتاد” (صدر في 28 سبتمبر/أيلول الماضي)، الأكثر وضوحا في تحديد العنوان المسؤول عن هذا التدهور في الاقتصاد الفلسطيني، وهو الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من قيود وحصار وتلاعب بعائدات الضرائب الفلسطينية وسرقتها.

اعتبر “أونكتاد” الأمم المتحدة، في تقريره السنوي حول تطورات الاقتصاد الفلسطيني، الاحتلال الإسرائيلي وممارساته على الأرض السبب لكل المشاكل التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني، فيما لم تضف جائحة كورونا، رغم تداعياتها، شيئا يذكر لتعقيدات الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في تقديمهما للتقرير، قال منسق وحدة مساعدة الشعب الفلسطيني في “اونكتاد” محمود الخفيف، ومسؤول الشؤون الاقتصادية في المنظمة معتصم الأقرع، إن جائحة “كورونا” تركت تداعيات على كل دول العالم، “لكن في فلسطين الظروف مختلفة، ورسالتنا الأساسية أن العامل الأساسي المضر بالاقتصاد الفلسطيني هو الاحتلال”.

وقال المسؤولان الأمميان “جائحة كورونا لم تضف شيئا لتعقيدات الاقتصادي الفلسطيني، الوضع كان سيئا قبل الجائحة، واستمر وتفاقم خلال الجائحة، حيث لم تتوقف سلطات الاحتلال عن خططها بالضم، والاستيطان، والحصار، والمعيقات لحركة الأفراد والبضائع”.

وجاء في التقرير، أن الوضع في الأراضي الفلسطينية قبل الجائحة اتسم بضعف الإنتاجية، والتفتت الجغرافي، وتشظي الأسواق، والقيود على استيراد المدخلات والتكنولوجيا، وفقدان الأراضي والموارد الطبيعية لصالح المستوطنات، وتسرب الموارد المالية إلى إسرائيل، واستنزاف الاقتصاد الإقليمي لقطاع غزة بسبب الحصار والعمليات العسكرية المستمرة، وكل هذا استمر خلال الجائحة.

وذهب المسؤولان الأمميان إلى أبعد من ذلك، باتهام إسرائيل بأنها المسؤولة عن حرمان الحكومة الفلسطينية من القدرة على مواجهة الجائحة وتقديم الخدمات الطبية اللازمة وإجراءات الإنعاش الاقتصادي، باحتجازها للموارد المالية الفلسطينية (المقاصة) لفترة تزيد عن ستة أشهر في عام 2020، ونحو تسعة أشهر في 2019.

وقال التقرير “لا شيء جديد، الإغلاق المرتبط بالجائحة أضيف إلى الإغلاق طويل الأمد الذي يفرضه الاحتلال، (حيث) عانى الشعب الفلسطيني واقتصاده من حصار بطريقة أو بأخرى منذ الانتفاضة الثانية في أيلول عام 2000، بتطبيق إسرائيل سياسة إغلاق مشددة مع نظام معقد من القيود على تنقل الأشخاص والبضائع”.

كان تعقيب الحكومة الفلسطينية على تقرير “أونكتاد” فوريا، على لسان رئيس الوزراء محمد اشتية، قائلا “ما جاء في التقرير يؤكد أن الاحتلال هو المتسبب بالمعضلة الاقتصادية في فلسطين، وهو العائق الأساسي لكل جهود التنمية من خلال سرقة المقدرات الوطنية”.

وأوضح اشتية أن “الحكومة الفلسطينية تتحمل أعباءً كبيرة مقابل محدودية سيطرتها على الأرض والموارد والحدود، وتتحمل كامل الالتزامات المالية التي يحتاجها شعبنا حيثما كان في غزة والضفة بما فيها القدس، وفي مخيمات اللجوء بلبنان وسوريا”.

وأكد رئيس الوزراء “إن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس هو ما يعزز إمكانيات التنمية المستدامة، وليس استمرار الوضع القائم، وتحسين ظروف العيش تحت الاحتلال”، في إشارة إلى مقترحات إسرائيلية وأميركية لـ”تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين”، ينظر إليها الفلسطينيون على أنها بدائل لعملية سياسية جدية لحل الصراع القائم على أساس دولتين.

رسالة “اونكتاد” كانت نسخة كربونية تقريبا عن رسالة الحكومة الفلسطينية للدول والجهات المانحة، في اجتماعين عقدا في 11 يوليو/تموز و22 سبتمبر/ايلول الماضيين، مفادها بأن الاقتصاد الفلسطيني والمالية العامة تجه نحو مزيد من التعقيد بسبب تلاعب إسرائيل بأموال المقاصة، بالحجز والاقتطاعات غير القانونية، إضافة إلى ممارسة قواتها ومستوطنيها على الأرض، والتي تحرم الفلسطينيين من استغلال الموارد في أكثر من 60 بالمئة من مساحة الضفة، وتفتيتها جغرافيا بالحواجز والحصار، يضاف إلى كل ذلك حرب شنتها إسرائيل في أيار الماضي على قطاع غزة، والحقت به دمارا هائلا يحتاج إعماره إلى مليارات الدولارات.

في اجتماع 22 سبتمبر، أبلغ وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة المانحين بشكل واضح وصريح، أن الحكومة الفلسطينية استنفدت كافة الخيارات المتاحة للتمويل، ولن تلجأ لمزيد من الاقتراض من البنوك لأسباب عديدة، فنية وواقعية، حيث بلغت مديونيتها للبنوك حوالي 2.5 مليار دولار، فيما تراجعت المساعدات الخارجية هذا العام بنسبة 90%.

وقال بشارة: ما لم تفرج إسرائيل عن الأموال التي تحتجزها خلال الأسابيع القادمة، فإن الوضع المالي سوف يشهد مزيداً من التعقيد، مشددا، خلال الاجتماع، على ضرورة إصلاح العلاقة المالية مع الجانب الإسرائيلي وآلية التقاص، التي قال إنها “أصبحت أداة لاستمرار الاحتلال”.

الاخبار العاجلة