
الكاتب: د.رمزي عودة – في اجتماع خاص لحكومة اليمين الاسرائيلية إحياءً لذكرى السابع من أكتوبر، طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومته بتغيير اسم الحرب من “السيوف الحديدية” الى “حرب القيامة”، في إشارة منه الى معركة هارمجدون (جبل مجدو) والتي قالت المصادر التوراتية بأنها حرب بين “الخير والشر” وبانها ستنتهي “بانتصار” اليهود في معركة عالمية يموت فيها الملايين من الأعداء الكفار ..!!! ويدفنون في القدس حتى يعم الخير المطلق (…!!) على يد المسيح!. وفي هذا الاطار، نجد أن نتنياهو أراد تغيير اسم العدوان الاسرائيلي – الذي بدأ في السابع من أكتوبر وحتى الآن- الى حرب القيامة، للغايات التالية:
1- جعل هذه الحرب حرب دينية بالأساس .
2- جعل هذه الحرب ليست فقط ضد الفلسطينيين، وإنما هي حرب اقليمية واسعة وربما تصبح عالمية،
3- أن تكون شاملة، لقتل الملايين فيها بزعم أن ذلك سيؤدي الى خلاص الشعب اليهودي وخلاص العالم. …!!!
وفي الإطار السابق، نجد أن إطلاق نتنياهو هذه التسمية على حربه العدوانية في المنطقة له العديد من الدلالات السياسية، ومن أهمها:
1- بداية تشكل تيار ديني قوي في حزب الليكود، وساعد في ذلك تحالف الليكود مع الصهيونية الدينية، وربما سينضم الى حزب الليكود في الانتخابات المقبلة تيارات دينية صهيونية كبيرة، وهذا سينقل الليكود من سمة اليمين الى سمة الصهيونية اليمينية الدينية.
2- استقطاب شرائح كبيرة من اليهود المتدينين في إسرائيل لصالح المجهود العسكري والسياسي من خلال استخدام المفاهيم الدينية التي يتفق عليها اليهود الصهاينة، وخاصةً أن المجتمع الاسرائيلي تحول في العقد الأخير الى التطرف الديني بشكل ملحوظ. وهذا يفسر ارتفاع شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي الاخيرة بشكل لافت.
3- تنامٍ كبير وقوي في شعور نتنياهو بنشوة النصر لا سيما بعدما نجح جيشه بتدمير قطاع غزة واغتيال عشرات من القيادات السياسية في حزب الله، وهو الأمر الذي قد يدفعه الى المزيد من المغامرات العسكرية في المنطقة ككل بما فيها ايران.
4- بداية مرحلة جديدة من التعاون وربما الاندماج بين الصهيونية والمسيحيين الانجليكانيين لا سيما المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يزيد عدد أعضاء كنائسهم عن 60 مليون أميركي يتزعمهم دونالد ترامب. ويعود السبب في ذلك الى إيمان الانجليكانيين بمعركة يوم القيامة وأهميتها بالنسبة لهم من أجل الإسراع في عودة المسيح وإنقاذه للبشرية. وهذا يشير الى رغبة نتنياهو في إعادة تحالفه مع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بناءً على اعتبارات وأسس دينية مهمة وهي حرب القيامة.
5- استخدام الرخصة الدينية التوراتية بقتل مزيد من العرب أو الكفار حسب التسمية التوراتية، ولهذا فإن مزيدا من القتل والتدمير سيكون مشروعاً في عدوان هذه الدولة العنصرية الفاشية على كافة شعوب المنطقة.
6- الابتعاد قدر الإمكان عن الحلول السياسية، من أجل تطبيق مشيئة الرب (…!!) بتدمير الكفار وإقامة دولة اليهود وتحقيق السلام في العالم، بزعم أن هذا السلام لن يكون الا بقتل أعداء اليهود من “الجويم” والكفار! !!!
للأسف، فقد وجدنا من تحليل سياقات مفهوم حرب القيامة ودلالاتها بأن نتنياهو ماض في عدوانه على قطاع غزة ولبنان وكافة دول المنطقة. وبالنتيجة، فإن اسرائيل تسعى في ضوء هذا المفهوم الديني “حرب القيامة” الى ممارسة دور وظيفي جديد في منطقة الشرق الأوسط وهو شرطي الغرب في المنطقة من خلال تدمير قوى الكفر والشر. وفي السياق، فإننا لا نستبعد ان يجن جنون نتنياهو في خضم هذا الترف الديني والنفسي الى أن يطلق على نفسه لقب المسيح!