
الكاتب: موفق مطر – كان ومازال هدف المشروع الاستعماري – الصهيوني ألا يبقى أثر تاريخي ثقافي اجتماعي إنساني سياسي للشعب الفلسطيني على أرض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين أما الوسائل فيكفي معرفة أبعاد مقولة يتبناها عتاة منظومة الصهيونية الدينية: “الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت”. وقد لا يعني ذلك الموت المعروف وحسب بل الفلسطيني الذي ينتزع مبدأ الانتماء للوطن من عقله وقلبه وفكره وثقافته وسلوكه وعمله ورؤيته للمستقبل فهذا بالنسبة لهم ميت أيضا لأن الوطن بات خارج حدود بصيرته وإدراكه حتى لو كان منعما! لذا فإن صد المشروع الصهيوني ومقاومته يتطلب فهما عميقا لمعنى:”هنا كنا.. هنا باقون.. وهنا سنكون” التي لطالما ختم بها الرئيس أبو مازن خطاباته التاريخية في المحافل الوطنية والدولية وتحديدا على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن لن نكون في القبور وإنما أحياء أحرار كرام لذلك وجه الجماهير يومها ليهتفوا:”عالقدس رايحين أحرار بالملايين” فالوطن كما شرح الرئيس يريدنا أحياءً أحرارا لاستكمال صياغة المستقبل –هذا ما قاله- لنستمر في مهمة التحرر والبناء وحفظه بالانتماء الوطني الخالص والعقلانية في مناحي حياتنا كافة فالحكمة والعمل بإخلاص تعين الإنسان على الصبر على المشقات والمصاعب لبلوغ الأهداف النبيلة أولها الحرية التي ستبين لنا أجواؤها آفاق المستقبل ونعتقد أن اعتماد مبدأ المقاومة الشعبية السلمية ما كان إلا لضمان وجود روح الوطن (إنسانه) الطبيعي فالأرض بدون إنسان حي بالمعرفة والحق والحكمة والعمل الصالح والصبر لا تسمى وطنا لذلك لا نرى هدفا في أجندة منظومة الصهيونية الدينية العنصرية (إسرائيل) يتقدم على هدف تجريدنا من عناصر القوة هذه التي تمكننا من البقاء وتخطيط درب الحياة لمستقبلنا على أرض وطننا .
آن الأوان لفهم أبعاد إستراتيجية المقاومة الشعبية السلمية المقررة كمنهج نضالي وطني للشعب الفلسطيني من المجلس الوطني (برلمان الشعب الفلسطيني) فالأمر لا يتعلق بالفعاليات الشعبية المنظمة المنضبطة الموجهة وفق أهداف محددة مدروسة سلفا تعرقل حركة الاحتلال والاستيطان وتمنعه من تنفيذ قراراته وحسب بل الأمر أوسع وأعمق وأوسع فالمقاومة الشعبية تعني أيضا تطوير مناهج التعليم وتعزيز رموزه ابتداء من الروضة حتى الجامعة بالقيم الإنسانية التي تمنحنا مواطنا صالحا مبدعا وخلوقا وتأسيس قواعد ارتكاز لاقتصاد وطني متين لتأمين الاعتماد على الذات وتشغيل الطاقة البشرية العاملة لضمان ديمومة إنتاجها وحركتها وعوائدها على الوطن وكذلك الانتصار لفكرة العمل بمشاريع ذات طابع جمعي لصغار المزارعين وتطوير أدواتهم وإبداع المزرعة البيتية باعتبارها عاملا مساعدا للصمود وتوفير ضمانات لصحة المواطن تتحمل المؤسسات الخاصة والشركات وغيرها من الهياكل عبئا الى جانب حكومة الدولة لتأمينها وتعزيز أفكار التطوع بأعمال منظمة ومنسقة مع جهات الاختصاص في الدولة ورفد السياسة الوطنية والخارجية بأفكار ورؤى تحت عنوان النقد البناء وتقديم بدائل منطقية وموضوعية واقعية قابلة للتطبيق.
ولابد من كلمة حق في هذا السياق أننا بدون تحرر المجتمع من المفاهيم الخاطئة والولاءات والانتماء لغير الوطن هذه التي ستبقى حاجزا بلا حدود تمنعه من رؤية ملامح المستقبل ودون تطبيق مبادئ الحقوق الإنسانية والمساواة والعدل بين افراد المجتمع دون تمييز فإننا سنبقى (مكانك راوح) فهذه الولاءات اعتمدت السمع والطاعة وحيدت التفكير والحوار والنقاش والتساؤلات والمساءلة ومكنت المتسببين بالنكبات الكارثية لشعبنا ليس من التملص من المسئولية بل ذهبوا الى أبعد الحدود في غيهم وسلطان رغباتهم الفئوية إلى إزاحة وطمس قيمة الإنسان من خطابهم التضليلي وأفعالهم المنتجة للموت والدمار فقط .