
الكاتب: د.عمر الغول – فاجأت نتائج الانتخابات الأميركية 2024 المرشحين المتنافسين والحزبين
الجمهوري والديمقراطي والمراقبين الاميركيين والأوروبيين والعالم بحصادها غير المتوقع والدراماتيكي،
وكشفت بشكل جلي أن استطلاعات الرأي الأميركية فشلت في مخرجاتها وتوقعاتها للنتائج، حيث تفوق
دونالد ترامب على نفسه بحصوله على الأغلبية في المجمع الانتخابي بنحو 297 مع ان الرجل الفائز أعلن في
خطاب النصر انه سيحصل على 315 تقريبا من أصل 538 عضوا، وبالحصول على الأغلبية بنسبة 51% من
أصوات المقترعين، ولم تتجاوز منافسته كمالا هاريس الديمقراطية حتى اعداد هذه الزاوية على أكثر من 241
صوتا من المجمع الانتخابي، و47% من أصوات المقترعين، وتمكن الجمهوريون من الفوز بالأغلبية في
مجلس الشيوخ، وأعتقد في ضوء الخارطة الانتخابية الماثلة أمامنا، سيفوز الجمهوريون على الأغلبية في
الكونغرس. رغم ان الرئيس ترامب ما زال يواجه العديد من القضايا المرفوعة ضده أمام القضاء، ويفترض ان
يقف امام المحاكم ذات الصلة قبل توليه الرئاسة في مطلع كانون الثاني/يناير القادم، والنتيجة تشي بأن
الشعب الأميركي متسامح، ولم يتوقف أمام هذه القضايا، وغض النظر عنها. وبالتالي لن تقف تلك التهم حجر
عثرة امام عودته على حصان ابيض لسدة البيت الأبيض الأميركي.
الفوز المذهل
الفوز المذهل للرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية، أرغم الديمقراطيين جميعا الرئيس الحالي والمرشحة
عن الحزب على الإقرار بالهزيمة الموجعة وبفارق كبير في المستويات الانتخابية المختلفة، وتمكن الجمهوريون
من الفوز بأغلبية الولايات الـ7 المتأرجحة، وقلبوا المعادلات في العديد منها، بعدما كانت تتوشح باللون الأزرق،
باتت تتغطى باللون الأحمر. ومؤكد ان فوز ترامب الكاسح على منافسته هاريس سيغير سياسات الحزبين،
وبرامجها واليات عملها لحين.
أسباب التحول
وبقراءة سريعة وأولية لواقع ونتائج الانتخابات الرئاسية الحالية، يمكن ادراج عدد من الأسباب للتحول الذي حدث،
الى الاتي: أولا- سياسات الرئيس بايدن وادارته العرجاء في الملفات الداخلية والخارجية مما ترك استياءً داخل
صفوف الحزب الديمقراطي، وعزوف أنصاره عن التصويت لصالحه، او انقلابهم عليه لصالح المرشح الجمهوري؛
ثانيا- الفترة الزمنية القصيرة التي منحت للمرشحة الديمقراطية، التي لا تتجاوز الـ3 أشهر، لأنه عمليا تم تبني
ترشحها بعد مؤتمر الحزب الديمقراطي في منتصف آب/أغسطس الماضي، حيث انها لم تتمكن من تغطية
كافة الولايات في حملتها الانتخابية، وحتى الولايات التي وصلت اليها على ما يبدو، لم تستطع إقناعها ببرنامجها؛
ثالثا- غياب البرنامج الاقتصادي الواضح لها، وهذا الملف له أولوية بالنسبة للناخب الأميركي، أيا كان توجهه،
بالمقابل كان الرئيس ترامب حمل برنامجا محددا ومقنعا للأميركيين؛ رابعا- ومن الواضح ان المجتمع الأميركي ما
زال يميل للذكورية، ولم يرتق لقبول المرشحة المرأة، حتى النساء التي توجهت لهن هاريس لم تقنعهن
بجدارتها بموقع الرئيس للولايات المتحدة، رغم انها تبنت ملف الاجهاض؛ خامسا- حرب الإبادة الجماعية على
الشعب الفلسطيني ودعم إدارة بايدن لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى لابتعاد الصوت العربي والإسلامي
في الولايات المختلفة، خاصة في الولايات المتأرجحة عن دعم هاريس ومرشحي الحزب الديمقراطي، وقطاع من
تلك الأصوات ذهب لترامب، وجزء آخر منهم صوت للمرشحة جيل ستاين، زعيمة حزب الخضر، وبعضهم عزف
عن التصويت؛ سادسا- أيضا ملف المهاجرين هناك العديد من المقاطعات والمدن الأميركية متضررة منه،
وصوتت للرئيس ترامب؛ سابعا- الكاريزما التي يتمتع بها الرئيس الـ47؛ ثامنا- تصويت الأغلبية البيضاء العنصرية
من الانجليكان للمرشح الجمهوري، ليس هذا فحسب، بل ان الرئيس الفائز استطاع ان يخترق قطاعات من
السود واللاتينيين الاميركيين، رغم عنصريته، وصوتوا له؛ تاسعا- رغم تحفظ ترامب على الانتخابات المبكرة
في انتخابات 2020، التي هزم فيها، دعا أنصاره هذه المرة للتصويت المبكر للاستفادة من الوقت، وغيرها
من الأسباب.
انعطافة تاريخية مهمة
مؤكد ان الانتخابات الراهنة شكلت انعطافة تاريخية مهمة في سجل الانتخابات الأميركية بمجملها، لما أحدثته
من تحولات مهمة في المشهد الأميركي، تحتاج الى متابعة حثيثة في قادم الأيام، واستشراف ما تحمله الانتخابات
من تداعيات على المشهد الأميركي وعلى الملفات الدولية المختلفة، وملفات الحروب عامة وملف الإبادة
الجماعية على الشعب الفلسطيني خاصة، التي ذكر انه سيعمل على وقفها، دون ان يقول ماذا عن اليوم
التالي لوقفها، والسياسات التي سينتهجها لاحقا.